البعثة التجارية تفتح آفاقاً جديدة بملتقى الشارقة - كينيا في نيروبي

اختتمت البعثة التجارية التي نظمها مركز الشارقة لتنمية الصادرات بغرفة تجارة وصناعة الشارقة أمس (الجمعة) فعاليات "ملتقى أعمال الشارقة – كينيا" الذي أقيم على مدى ثلاثة أيام في العاصمة الكينية نيروبي، في إطار جولة أفريقية شملت جمهورية أوغندا في محطتها الأولى مطلع الأسبوع الماضي.

وتأتي أهمية هذا الملتقى كونه منصة نموذجية لتعزيز تواصل مجتمع الأعمال في الشارقة مع نظرائهم المحليين والإقليميين والدوليين في كينيا، بما يرتقي بمستوى العلاقات القائمة ويعزز فرص الشراكة والاستثمار بين إمارة الشارقة وكينيا التي تشكل مركز ثقل اقتصادي وتجاري وخدماتي في منطقة شرق ووسط أفريقيا.

شارك في الملتقى طيف واسع من المسؤولين الرسمين وممثلي قطاع الأعمال والمستثمرين من الجانبين، برئاسة سعادة عبدالله سلطان العويس رئيس غرفة تجارة وصناعة الشارقة، وبحضور سعادة حسن عيسى الحوسني نائب سفير الإمارات في كينيا، وسعادة محمد راشد بن ديماس عضو مجلس إدارة غرفة الشارقة، وسعادة ناصر مصبح الطنيجي عضو مجلس ادارة الغرفة، وعبدالعزيز محمد شطاف مدير مركز الشارقة لتنمية الصادرات وسيف محمد سالم السويدي مدير ترويج الاستثمار في هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، وسعود عبد الرحمن الهاجري رئيس قسم العلاقات العامة والمسؤولية المجتمعية في غرفة الشارقة، ولمياء الجسمي تنفيذي تسويق بمركز تنمية الصادرات، إلى جانب كل من الدكتور موسيس اكيارا المدير التنفيذي لهيئة كينيا للاستثمار، وكيبرونو كيتوني رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة كينيا، وسعادة السفير دينيس أوري رئيس تجمع القطاع الخاص الكيني، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين من الجانبين و15 شركة صناعية منتسبة للغرفة في الشارقة ويُمثلون العديد من القطاعات التجارية والصناعية كقطاع الأغذية والملابس والصناعات الخشبية والحديدية.

الشارقة نموذج للفرص

وأكد سعادة عبدالله سلطان العويس رئيس غرفة تجارة وصناعة الشارقة، في كلمة له في مستهل الملتقى، أن إمارة الشارقة أثبتت جدارتها كنموذج للفرص المحتملة في المجالات الاقتصادية والتنمية المستدامة والتطوير، وخاصة مع استقطابها 33% من قطاع التصنيع في الإمارات، وذلك بفضل توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة (رعاه الله)، والذي شكل دعم سموه عاملاً أساسياً فيما حققته إمارة الشارقة من انجازات.

وقال العويس ان تنظيم ملتقى "الشارقة- نيروبي" يأتي استكمالاً للزيارة التي نظمتها غرفة الشارقة في العام السابق إلى كل من كينيا واوغندا، ضمن مساعيها لترسيخ حضورها في الأسواق الأفريقية الواعدة، وإيجاد السبل الكفيلة بزيادة حجم التعاون التجاري والاقتصادي ومجالات التعاون الاستثماري بين الجانبين.

وأعلن العويس عن ترحيب إمارة الشارقة بمختلف التشريعات التي وضعتها الحكومة الكينية، والتي تهدف إلى تعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية بين كينيا والإمارات، وإتاحة المزيد من الفرص للشركات الكبيرة من جهة، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة من جهة أخرى.

واعتبر العويس أن السلطات المعنية مثل غرف التجارة والصناعة والهيئات التجارية المعنية في كلا البلدين، تشكل عاملاً رئيسياً في تقوية هذه العلاقات بمعدلات كبيرة في السنوات المقبلة "وهي الأسباب التي دفعتنا للمجيء كوفد للأعمال المتنوعة من أجل تعزيزها على نحو أفضل".

وقال العويس إن منطقة الخليج العربي ترتبط مع شرق أفريقيا بعلاقات تجارية وثقافية تاريخية، لافتاً إلى أن الإمارات وكينيا قادرتان على استثمار هذه العلاقات العريقة من أجل دعم وتطوير هذه الروابط، منوهاً إلى أن الانسجام والانفتاح والتفاهم وسد الفجوات بين القطاعات والدول المختلفة تشكل ركائز أساسية لسياسة دولة الإمارات على الساحة العالمية "وليست أفريقيا استثناءً".

وأضاف العويس: إننا هنا كي نرتقي معاً بهذا النمو إلى مستويات متقدمة وأكثر تنوعاً، وخاصة مع تحقيق الناتج المحلي الإجمالي لإمارة الشارقة نمواً بواقع ثلاثة أضعاف مقارنة بمستوياته السابقة خلال العقد الماضي، وهو ما أدى بدوره إلى ارتفاع عدد الرخص التجارية في الإمارة بنسبة 3% خلال النصف الأول من عام 2016.

نمو إيجابي

وتابع العويس: يواصل التبادل التجاري بين الإمارات وكينيا نموه بشكل إيجابي منذ التوقيع على اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار المتبادل بينهما، حيث بلغ حجم الصادرات بين البلدين مليار و148 مليون درهم (312 مليون دولار)، مقابل مليار و483 مليون درهم (403 ملايين دولار) لإعادة التصدير، ليصل إجمالي حجم التجارة غير النفطية 2.63 مليار درهم (715 مليون دولار) خلال 2015.

وقدّم العويس لمحة على أبرز المقومات الاقتصادية والمزايا الفريدة التي تتمتع بها إمارة الشارقة والتسهيلات الاستثمارية التي تقدمها لرجال ورواد الأعمال، بدءاً من موقعها الحيوي على الخارطة الإماراتية واستقرارها الأمني وتشريعاتها وقوانينها المرنة والتسهيلات الحكومية، مرورا بامتلاكها بنية تحتية متقدمة ومتكاملة ومطاراً دولياً مع خطوط تنافسية للرحلات إلى جانب ثلاثة موانىء مياه عميقة ومنفذ إلى كل من الخليج العربي وخليج عمان الذي يعتبر البوابة إلى المحيط الهندي، وصولاً إلى تميزها في مجالي السياحة البيئية والمعارض.

وأعرب العويس عن سروره بترأس الوفد في فعاليات ملتقى أعمال الشارقة – كينيا، في الوقت الذي تحتفل فيه دولة الإمارات العربية المتحدة بيومها الوطني الخامس والأربعين، والمتزامن مع ذكرى توقيع الإمارات وكينيا في نوفمبر عام 2014 اتفاقيتهما لحماية وتشجيع الاستثمار. كما أعرب عن أمله في أن يُسهم الملتقى في بناء شراكة اقتصادية متميزة ومستدامة بين الجانبين، تؤسس لشراكات استثمارية في مختلف القطاعات الاقتصادية.

وأكد سعادته أهمية تبادل مثل هذه الزيارات واللقاءات التي تتيح لرجال الأعمال الكينيين فرصة التعرف عن كثب على الفرص الاستثمارية الواعدة التي تزخر بها الشارقة والمناخ الاقتصادي الملائم لجذب الاستثمارات، والاستفادة من التشريعات المرنة والتسهيلات والحوافز الكبيرة التي تقدمها مختلف الهيئات الحكومية للمستثمرين الأجانب.

وأبدى العويس بإسم أعضاء وفد الشارقة، امتنانه لحسن الاستقبال والاهتمام الذي حظي به الوفد الإماراتي منذ وصوله إلى كينيا، والذي يعكس الفرص العظيمة التي تنتظر البلدين الصديقين، مشيراً إلى أنه يمكن لإمارة الشارقة أن تلعب دوراً رائداً في تعزيز العلاقات وبنائها بين الإمارات وكينيا في شتّى مجالات الأعمال وعلى مختلف الصعد.

(شروق) تروّج

ثم تحدث سيف محمد سالم السويدي مدير ترويج الاستثمار في هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، الذي أكد أن مشاركة الهيئة ضمن وفد غرفة الشارقة إلى كينيا، يهدف للترويج للفرص الاستثمارية المتنوعة في إمارة الشارقة أمام المستثمرين الكينيين، مؤكداً أن كينيا تعتبر مركزاً رئيساً للتجارة والاقتصاد والخدمات اللوجستية في دول شرق إفريقيا.

وأضاف السويدي أن القطاعات الاستثمارية في الشارقة تزخر بفرص نمو واعدة للغاية، لاسيما قطاعات مثل السياحة والترفيه والرعاية الصحية والتنمية البيئية والنقل والخدمات اللوجيستية والتعليم والصناعة والعقارات، مشيراً إلى أن هذه القطاعات حافظت خلال الأعوام الماضية على نسب نمو قوية، ولا يزال بعضها متعطشاً لاستثمارات جديدة، مثل قطاع الرعاية الصحية الذي تعتبر خدماته أقل من حجم الطلب بنحو 50%، ما يوضح حجم الفرص الكامنة في هذا القطاع.

ولفت السويدي إلى أن (شروق) تهدف من خلال هذه الزيارة إلى وضع العديد من الحقائق المهمة بين يدي المستثمرين الكينيين بما يوضح لهم طبيعة المكاسب التي سيحققونها بوجودهم "بيننا ومعنا في الشارقة"، مشيراً إلى أن (شروق) ستعمل على تأمين جميع التسهيلات المطلوبة والرد على جميع استفساراتهم، على أمل أن ترحب بالمزيد من المستثمرين الكينيين في الشارقة قريباً.

أهم شركاء كينيا

أما من الجانب الكيني، فأشاد الدكتور موسيس اكيارا المدير التنفيذي لهيئة كينيا للاستثمار، بالعلاقات التجارية الثنائية بين الإمارات وبلاده، واصفاً الإمارات بأنها من أهم شركاء كينيا التجاريين.

ودعا اكيارا رجال الأعمال الإماراتيين إلى الدخول للسوق الكينية بشكل أوسع، والاستفادة من تنوعها وتسهيلاتها، وكذلك من الاتفاقية الثلاثية لمنطقة التجارة الحرة تفتا (TFT) التي تضم ثلاث كيانات اقتصادية أفريقية ضمن كيان واحد شامل هي مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية (SADC) ومجموعة شرق أفريقيا (EAC) والسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا الكوميسا (Comesa)، والتي تضم جميعها أكثر من ستمائة مليون شخص.

ولفت اكيارا إلى أن كينيا تبحث عن شركاء استثمار دائمين لعدد من المشاريع الحيوية، من أبرزها المشروع الضخم "لابست" للنقل الذي يربط كينيا بجنوب السودان واثيوبيا، إلى جانب تطلعها لجذب شركاء في مجال الطاقة والسياحة والرعاية الصحية والنفط والغاز وغيرها من القطاعات.

من جهته، أكد كيبرونو كيتوني رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة كينيا، أن كينيا تعتبر إحدى الوجهات التجارية المفضلة للإمارات، موضحاً أن كينيا صدّرت في عام 2015 سلعاً إلى الإمارات بقيمة 297 مليون دولار شملت عدداً من المنتجات مثل الشاي والفواكه واللحوم والأجهزة الكهربائية، في حين استوردت ما قيمته 922 مليون دولار من الإمارات تضمنت منتجات مثل البلاستيك والزيوت ومواد البناء والنحاس والأدوات الصناعية والآلات الكهربائية.

ودعا كيبرونو إلى توقيع مذكرات تفاهم بين غرفتي تجارة وصناعة كينيا والشارقة، بما يعزز أواصر التعاون المشترك ويسهم في تسهيل إجراءات التبادل التجاري بين الطرفين، مشجعاً المستثمرين الإماراتيين على بحث فرص الاستثمار في كينيا في قطاعات وصناعات البنية التحتية والموارد البيئية والطبيعية والبناء والتشييد والتصنيع والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

بيئة منخفضة المخاطر

وتتميز كينيا ببيئة استثمارية منخفضة المخاطر، وموقع استراتيجي هام يشكل مدخلاً للسوق الأفريقية، وفيها استقرار سياسي وسياساتها الاقتصادية محفزة للاستثمار، وفيها بنية تحتية متميزة، وتنخفض فيها تكاليف الطاقة، وقطاعها الخاص قوي وتتوفر فيه القوى العاملة.

واحتلت كينيا في عام 2015 المرتبة الخامسة كأكبر اقتصاد في أفريقيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي، الذي بلغ 61.4 مليار دولار، بالإضافة إلى أن كينيا لديها سادس أكبر سوق في أفريقيا من حيث عدد السكان والذي بلغ 44.1 مليون نسمة خلال العام نفسه.

وتعتمد كينيا على تصدير المنتجات الزراعية والسياحة في تحصيل العملات الأجنبية. وهي تشتهر بالزراعة بسبب توفر الطقس المثالي لزراعة بعض المزروعات كالموز والذرة والقمح. كما اتّجهت لزراعة البن والشاي وقصب السكر، وهذه المحاصيل ساعدت كثيراً في تحسين الوضع الاقتصادي للدولة حيث يرتكز ربع صادراتها للعالم على هذه المنتجات.

لقاءات عمل ثنائية وإشادة من القطاع الخاص

وعلى هامش أعمال "ملتقى الشارقة-كينيا" تم عقد لقاءات ثنائية جمعت رجال الأعمال من الجانبين الإماراتي والكيني، حيث إستعرض الطرفان منتجاتهم والخدمات التي يقدمونها، والتي لاقت إقبالا كبيرا من المستثمرين الكينيين، سواءً في إبداء رغبتهم بشراء تلك المنتجات، أو التوسط في إدخالها لكينيا، أو حتى من خلال تقديم الدعوة لفتح أفرع لتلك الشركات على الأراضي الكينية.

في المقابل، أعرب ممثلو الشركات الخاصة المرافقة للبعثة عن شكرهم لغرفة الشارقة على الجهود التي بذلتها لضمان نجاح هذه الزيارة. حيث قال ابراهيم صالح ممثل مؤسسة اوتاد التجارية، إنه استفاد بشكل كبير من برنامج وفعاليات الجولة، مضيفاً أنه كان من اللافت حجم الشركات الكينية المشاركة في الملتقى واهتمامها، مؤكداً أن الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس.

من جهته، أكد الدكتور أحمد التيجاني المدير التنفيذي لشركة الروابي، أن الملتقى أتاح للشركات الوطنية المشاركة ضمن البعثة عقد لقاءات عمل مثمرة على هامش الزيارة مع رجال الأعمال والشركات الكينية الذين لديهم أنشطة مماثلة وأنشطة مكملة يمكن التعاون معهم مستقبلاً بما يدعم الاستثمار المتبادل.

أما محمد راشد الشامسي من شركة جولدن هارت لتجارة الخضار والفواكه فثمن دور غرفة الشارقة في تنظيم اللقاء ودعوة الغرفة الشركات للمشاركة في الملتقى، ولم يخفي الشامسي تردده بالمشاركة في البعثة التجارية في باديء الامر، ولكنه اكد على الفرص الكبيرة المتوفرة في كينيا حيث عقد عدد كبير من الصفقات التجارية مع نظراءه الكينيين ووجه دعوة الى جميع القطاعات الاقتصادية للاطلاع على الفرص الاستثمارية مشيراً الى توفر مقومات كبيرة جداً في كينيا خاصة في مجالات الزراعة.

وفي اليوم الاخير من الملتقى قام وفد الشارقة بزيارة بعض المنشآت التجارية والصناعية في العاصمة الكينية نيروبي، بهدف التعرف على آلية عملها، والخدمات التي تقدمها، ومواقع تلك المنشآت، بالإضافة لعدد الموظفين العاملين فيها، والتكلفة التشغيلية، بهدف النظر في إمكانية تأسيس مشاريع تجارية أو صناعية أو حتى زراعية ، أو من خلال المشاركة والمساهمة في تطوير تلك المنشآت.

احتفال باليوم الوطني

وعلى هامش الملتقى، احتفلت سفارة الدولة في كينيا باليوم الوطني الـ45 لدولة الإمارات، حيث شكر الوفد سعادة عبد الرزاق محمد هادي سفير دولة الإمارات لدى جمهورية كينيا على تسهيل مهمة الوفد في كينيا.

وأكد السفير هادي التزام دولة الإمارات بتعزيز التجارة والتنمية الاقتصادية في منطقة شرق إفريقيا، مشيراً إلى ما توفره الدولة من بنية تحتية لوجستية متميزة، ومناطق حرة للتصدير والاستيراد تساعد الشركات الإفريقية على ممارسة التجارة مع كافة دول العالم عبر دولة الإمارات.

وأثنى رئيس غرفة الشارقة على الدعم الذي حظيت به الغرفة من قبل السفارة الإماراتية في كينيا، مشيداً بدور السفير هادي في تسهيل مهام البعثة وإنجاح أهدافها، وتذليل العقبات التي يواجهها رجال الأعمال في الإمارات من خلال شبكة علاقات واسعة تخدم المستثمرين الإماراتيين.

وكانت البعثة التجارية اختتمت محطتها الأولى إلى العاصمة الأوغندية كمبالا قبل أيام، برئاسة سعادة محمد راشد بن ديماس عضو مجلس إدارة غرفة الشارقة، وعضوية ناصر مصبح الطنيجي عضو مجلس ادارة الغرفة، وعبد العزيز محمد شطاف مدير مركز الشارقة لتنمية الصادرات وعدد من موظفي المركز والغرفة، حيث شمل برنامج الزيارة تنظيم "ملتقى أعمال الشارقة – أوغندا" كجزء من سلسلة الزيارات الدورية التي تنظمها الغرفة في هذا الإطار.